الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
تنبيه: قال ابن العربي: الإشارة المذكورة تدل على أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان يعلم عدد الحساب وليس فيه ما يعارض حديث إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب فإن هذا إنما جاء لبيان صورة معينة قال ابن حجر: والأولى أن يقال أراد بنفي الحساب ما يتعاناه أهل صناعته من الجمع والضرب والتكعيب وغير ذلك وأما عقد الحساب فاصطلاح تواضعه العرب بينهم استغناء به عن اللفظ وأكثر استعمالهم له عند المساومة ستراً عمن حضر فشبه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم قدر ما فتح بصفة معروفة بينهم. - (حم ق عن أبي هريرة) وخرجاه أيضاً عن زينب بنت جحش قالت: استيقظ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من النوم محمراً وجهه يقول لا إله إلا اللّه ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم إلخ. 5838 - (فتح اللّه باباً للتوبة من المغرب عرضه مسيرة سبعين عاماً لا يغلق حتى تطلع الشمس من نحوه) أي من جهته ومرّ شرح ذلك مفصلاً بما منه أن المراد بالسبعين التكثير لا التحديد فلا تغفل. - (تخ عن صفوان بن عسال) المرادي صحابي له اثنا عشرة غزوة. 5839 - (فتنة الرجل) أي ضلاله ومعصيته أو ما يعرض له من الشر ويدخل عليه من المكروه (في أهله) مما يعرض له معهم من نحو همّ وحزن أو شغله بهم عن كثير من الخير وتفريطه فيما يلزمه من القيام بحقهم وتأديبهم وتعليمهم (وماله) بأن يأخذه من غير حله ويصرفه في غير حله ووجهه أو بأن يشغله لفرط محبته له عن كثير من الخيرات (و) فتنته في (نفسه) بالركون إلى شهواتها ونحو ذلك (و) فتنته في (ولده) بفرط محبته والشغل به عن المطلوبات الشرعية (و) في (جاره) بنحو حسد وفخر ومزاحمة في حق وإهمال في تعهد ونبه بالأربع على ما سواها (يكفرها) أي الفتنة المتصلة بما ذكر (الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) لأن الحسنات يذهبن السيئات ونبه به على ما عداها فنبه بالصلاة والصوم على العبادة الفعلية وبالصدقة على المالية وبالأمر والنهي على القولية وهي أصول المكفرات والمراد الصغائر فقط لخبر الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر يحتمل أن يكون كل واحد من الصلاة وما بعدها يكفر المذكورات كلها لا كل واحد منهما وأن يكون من الكفر والشرك بأن تكفر الصلاة فتنة الأهل وهكذا إلخ وخص الرجل لأنه غالباً صاحب الحكم في داره وأهله وإلا فالنساء شقائق الرجال في الحكم. - (ق ت ه عن حذيفة) بن اليمان سببه أن عمر قال: أيكم يحفظ حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الفتنة فقال حذيفة: أنا أحفظه كما قال قال: إنك عليه لجريء فكيف قال قال: فتنة الرجل إلخ قال: ليس هذه أريد ولكني أريد التي تموج كموج البحر قال: قلت ليس عليك فيها بأس بينك وبينها باب مغلق قال فيكسر الباب أو يفتح قال: قلت لا بل يكسر قال: فإنه إذا كسر لم يغلق أبداً قال: قلت أجل فهبنا أن نسأله من الباب فقلنا لمسروق: سله فسأله فقال: عمر قال: قلنا يعلم عمر من يعني قال: نعم كما كان دون غد ليلته وذلك أني أحدثه حديثاً ليس بالأغاليط انتهى. [ص 424] 5840 - (فتنة القبر فيّ) أي فتنة القبر تكون في السؤال عن النبوة المحمدية فمن أجاب حين يسأل بأنه عبد اللّه ورسوله وأنه آمن به وصدقه نجا ومن تلعثم أو قال سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته عذب (فإذا سئلتم عني) في القبر (فلا تشكوا) أي لا تأتوا بالجواب على الشك والتردد بل اجزموا بذلك لتحصل لكم النجاة. - (ك عن عائشة). 5841 - (فجرت أربعة أنهار من الجنة الفرات والنيل وسيحان وجيحان) وهما غير سيحون وجيحون فإنه لم يرد أنهما من الجنة إلا في خبر ضعيف رواه الواحدي وأما سيحان وجيحان ففي مسلم ولا يكره استعمال مياه هذه الأربعة في الحدث والخبث. وإن كانت من الجنة لأن المنع منها تضييق والفرات نهر عظيم مشهور يخرج من آخر حدود الروم ثم يمر بأطراف الشام ثم بالكوفة ثم بالحلة ثم يلتقي مع دجلة. - (حم عن أبي هريرة) ورواه ابن منيع والحارث والديلمي رمز المصنف لصحته. 5842 - (فجور المرأة الفاجرة) أي المنبعثة في المعاصي (كفجور ألف) رجل (فاجر) في الإثم أو في الفساد والإضرار بالناس (وبر المرأة) أي عملها في وجوه الخير وتحليها بصنوف الديانات (كعمل سبعين صديقاً) أي يضاعف لها ثواب عملها حتى يبلغ ثواب عمل سبعين صديقاً. - (أبو الشيخ [ابن حبان]) بن حبان (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أبو نعيم والديلمي. 5843 - (فخذ المرء المسلم من عورته) لأن ما بين السرة والركبة عورة وهذا منه. - (طب عن جرهد) ورواه الحاكم والديلمي عن ابن عباس بلفظ فخذ الرجل عورة. 5844 - (فراش للرجل وفراش لامرأته) قال الطيبي: فراش مبتدأ مخصصه محذوف يدل عليه قوله (والثالث للضيف) أي فراش واحد كاف للرجل وهكذا (والرابع للشيطان) لأنه زائد على الحاجة وسرف واتخاذه مماثل لعرض الدنيا وزخارفها فهو للمباهاة والاختيال والكبر وذلك مذموم وكل مذموم يضاف إلى الشيطان لأنه يرتضيه ويحث عليه فكأنه له أو هو على ظاهره وأن الشيطان يبيت عليه ويقيل وفيه جواز اتخاذ الإنسان من الفرش والآلات ما يحتاجه ويترفه به قال القرطبي: وهذا الحديث إنما جاء مبيناً لعائشة ما يجوز للإنسان أن يتوسع فيه ويترفه به من الفرش لا أن الأفضل أن يكون له فراش يختص به ولامرأته فراش فقد كان المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم ليس له إلا فراش واحد في بيت عائشة وكان عنده فراشاً ينامان عليه ويجلسان عليه نهاراً وأما فراش الضيف فيتعين للمضيف إعداده لأنه من إكرامه والقيام بحقه ولأنه لا يتأتى له شرط الاضطجاع ولا النوم معه وأهله على فراش واحد ومقصود الحديث أن الرجل إذا أراد أن يتوسع في الفرش فغايته ثلاث والرابع لا يحتاجه فهو سرف وفقه الحديث ترك الإكثار من الآلات والأشياء المباحة والترفه بها وأن يقتصر على حاجته ونسبة الرابع للشيطان ذم له لكنه لا يدل على التحريم فكذا الفرش قيل وفيه أنه لا يلزمه المبيت مع زوجته بفراش ورد بأن النوم معها وإن لم يجب لكن علم من أدلة أخرى أنه أولى حيث لا عذر لمواظبة النبي صلى اللّه عليه وسلم. - (حم م) في اللباس (د ن عن جابر) بن عبد اللّه ولم يخرجه البخاري. 5845 -[ص 425] (فرج) بالفاء للمفعول لتعظيم الفاعل أي فتح بمعنى شق (سقف) لفظ رواية البخاري عن سقف (بيتي) أضافه إليه لسكناه به وكان ملك أم هانئ فلذلك أضيف إليها في رواية باعتبار ملك البقعة ولا يعارضه رواية أنه كان بالحطيم لأنه فرج به من البيت إلى الحطيم وحكمة التعبير بالانفراج أن الملك انصب عليه من السماء انصبابة واحدة وفيه أيضاً تمهيد بما وقع من شق صدره فكأن الملك أراه بانفراج السقف والتئامه كيفية ما سيفعل به لطفاً به وتثبيتاً له كذا قرره ابن حجر وفيه نظر لما أن الشق كان وقع من قبل أيضاً (وأنا بمكة) جملة حالية دفع به توهم أنه كان بغيرها (فنزل جبريل) فانطلق به من البيت إلى الحجر ومنه كان الإسراء فلا يعارضه رواية إن الإسراء كان من المسجد ودخل من السقف لا الباب لكونه أوقع صدقاً في القلب وأبلغ في المفاجأة وتنبيهاً على وقوع الطلب بغير موعد (ففرج) بفتح الفاء والراء والجيم أي شق (صدري) ما بين النحر إلى اللبة كما في رواية وقد شق صدره وهو صغير في بني سعد لينشأ على أكمل الأحوال ثم عند التكليف وهو ابن نحو اثني عشر لئلا يلتبس بشيء مما يعاب على الرجال ثم عند البعث ليتلقى ما يلقى إليه بقلب قوي ثم عند إرادة العروج وهو الذي الكلام فيه ليتأهب للمناجاة، وهل شق صدره من خصائصه؟ خلاف (ثم غسله) ليصفو ويزداد قابلية لإدراك ما عجز القلب عن معرفته وكان غسله (بماء زمزم) لكون أصله من الجنة فيقوى على مشاهدة الملكوت الأعلى ومن خواصه أنه يقوي القلب ويسكن الروع وأخذ منه البلقيني أنه أفضل من الكوثر (ثم جاء) أي جبريل (بطست) بفتح أو كسر فسكون السين مهملة والمعجمة لغة لم يقف عليها من جعلها من لحن العامة وخصه دون بقية الأواني لأنه آلة الغسل عرفاً وكان (من ذهب) لأنه أعلى أواني الجنة ولسرور القلب برؤيته وصفرته [ص 426] إلا بإذن (قال فأرسل إليه) أي هل أرسل إليه للعروج رسولاً والقول بأن معناه هل صار رسولاً غير ظاهر لأن أمر نبوته ظاهر لا يخفى على الملائكة (قال نعم ففتح فلما) أي فتح لنا (فلما علونا السماء الدنيا فإذا) للمفاجأة وكذا أخواتها (رجل عن يمينه أسودة) قال الزمخشري: جمع سواد وهو الشخص والمراد هنا جماعة من بني آدم (وعن يساره أسودة) أشخاص أيضاً (فإذا نظر قبل يمينه ضحك) سروراً وفرحاً (وإذا نظر قبل شماله بكى) حزناً وغماً (فقال) أي فسلمت عليه فقال (مرحباً) أي لقيت رحباً وسعة فاستأنس ولا تستوحش كلمة تقال لتؤنس القادم قال التوربشتي: مر وسلم على الأنبياء وإن كان أفضلهم لأنهم كانوا غائبين عنه وكان في حكم القائم وهم في حكم القعود والقائم يسلم على القاعد (بالنبي الصالح والابن الصالح) اقتصر هو ومن يجيء على الصلاح لأنه صفة تشمل كمال الخير ولذا كررها كل منهم عند كل صفة والصالح القائم بما لزمه من حقوق الحق والخلق ونص على نبوته افتخاراً به وخاطبوه بها لا بالرسالة مع كونها أشرف لأن معه جبريل وهو موصوف بالرسالة فلو قيل مرحباً بالرسول ربما التبس (قلت يا جبريل من هذا قال هذا آدم) أبو البشر (وهذه الأسودة التي عن يمينه وشماله نسم بنيه) أي أرواحهم والنسم بفتح النون والسين مهملة جمع نسمة بفتحها وروي بشين معجمة والأول أصح (فأهل اليمين أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى) ولا يلزم من ذلك أن تكون أرواح الكفار في السماء لأن الجنة في جهته عن يمينه والنار في شماله فالرائي في السماء والمرئي في غيرها (ثم عرج بي جبريل حتى أتى السماء الثانية فقال لخازنها افتح فقال خازنها مثل ما قال خازن السماء الدنيا ففتح فلما مررت بإدريس) فيها (قال) لي (مرحباً) قال القاضي: من رحب رحباً بالضم إذا وسع وهو من المفاعيل المنصوبة لعامل مضمر لازم إضماره والمعنى أتيت رحباً وسعة (بالنبي الصالح والأخ الصالح) ذكر الأخ تلطفاً وتواضعاً إذ الأنبياء إخوة والمسلمون إخوة ولم يقل الابن لأنه ليس من ذريته (قلت) لجبريل (من هذا) المرحب (قال هذا إدريس) النبي وقضيته أن إدريس في الثانية وليس مراداً إذ ثم لترتيب الأخبار لا للواقع وكذا يقال في ذكر موسى قبل عيسى على أن هذه الرواية شاذة مخالفة للروايات الصحيحة (ثم مررت بموسى فقال مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح فقلت من هذا قال هذا موسى ثم مررت بعيسى فقال مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح قلت من هذا قال هذا عيسى ابن مريم) ثم هنا للترتيب الإخباري لا الزماني إلا إن قيل بتعدد المعراج إذ الروايات متفقة على أن المرور بعيسى قبل موسى (ثم مررت بإبراهيم) الخليل (فقال مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح فقلت من هذا قال هذا إبراهيم) الخليل ورؤيته كل نبي في السماء يدل على تفاوت رتبهم [ص 427] وعبوره على جميعهم يدل على أنه أعلاهم رتبة والمرئي أرواحهم لا أجسادهم إلا عيسى فشخصه (ثم عرج بي حتى ظهرت) أي ارتفعت (بمستوى) بفتح الواو موضع مشرف يستوي عليه وهو المصعد (أسمع فيه صريف الأقلام) بفتح الصاد المهملة صريرها على اللوح حال كتابتها في تصاريف الأقدار (ففرض اللّه عز وجل على أمتي) أي وعلي وهذا بمعنى أوجب فسقط ما قيل النسخ لا يدخل الأخبار (خمسين صلاة) في رواية في كل يوم وليلة قيل كانت كل صلاة ركعتين (فرجعت بذلك حتى مررت على موسى) في رواية ونعم الصاحب كان صاحبكم (فقال موسى ماذا فرض ربك على أمتك قلت فرض عليهم خمسين صلاة قال موسى فراجع ربك) في رواية فارجع إلى ربك أي إلى المحل الذي ناجيته فيه، واعتنى موسى بذلك دون غيره لأنه لما قال يا رب اجعلني من أمة محمد لما رأى كرامتهم على ربهم اعتنى بهم كما يعتني بالقوم من هو منهم (فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعت ربي فوضع شطرها) يعني نصفها فقد حققت رواية ثابتة أن التخفيف كان خمساً خمساً وهي زيادة معتمدة فتحمل بقية الروايات عليها (فرجعت إلى موسى فأخبرته) بذلك (فقال راجع ربك) أي إلى محل المناجاة (فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعت ربي فقال هن خمس) عدداً (وهي خمسون) ثواباً (لا يبدل القول لديّ فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك فقلت قد استحيت من ربي) تقديره حتى استحيت فلا أرجع فإن رجعت كنت غير راض ولا مسلم ولكني أرضى وأسلم أمري وأمرهم إلى اللّه تفرس من كون التخفيف وقع خمساً أنه لو سأل التخفيف بعد كان سائلاً في رفعها مع ما فهم من الالتزام في الأخير بقوله هي خمس إلخ (ثم انطلق بي) أي جبريل ولم يقل عرج إشعاراً بأنه لا عروج من السابعة (حتى انتهى إلى سدرة المنتهى) أي إلى حيث تنتهي إليه أعمال العباد أو نفوس السائحين في الملأ الأعلى فيجتمعون فيه اجتماع الناس في أنديتهم أو إليه ينتهي علم الخلائق من الملائكة والرسل وأرباب النظر والاعتبار وما ورائه غيب لا يطلع عليه غيره تعالى ذكره كله القاضي. وقال غيره: سدرة المنتهى شجرة نبق في السماء السابعة عن يمين العرش من عجائب المخلوقات وبدائع المصنوعات ينتهي إليها علم الخلائق لا يتعداها نبي مرسل ولا ملك مقرب ولا يعارض ذا أنها في السادسة إذ أن المراد أن أصلها وأسها فيها وأغصانها وفروعها في السابعة (ففيها ألوان لا أدري ما هي) في رواية فلا يستطيع أحد أن ينعتها من حسنها (ثم أدخلت الجنة) أي والنار أيضاً كما في رواية صحيحة لم يذكرها هنا اختصاراً وزاد في الرواية وهي جنة المأوى ودار الإقامة. قال ابن العربي: وهي خارجة عن أقطار السماوات والأرض. وقال ابن عبد السلام: فيه أن سدرة المنتهى ليست في الجنة (فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ) بفتح الجيم فنون وكسر الموحدة جمع جنبذ بضم أوله وثالثه ما ارتفع واستدار كالقبة فارسي معرب ووقع في صحيح البخاري حبائل اللؤلؤ (وإذا ترابها المسك) وفيه عدم فرضية ما زاد على الخمس كالوتر وجواز النسخ في الإنشاءات قبل الفعل وأن الجنة موجودة والترحيب عند اللقاء والاستشفاع والمراجعة والحياء من تكثير الحوائج وأن الجنة في السماء وأن للسماء أبواباً وحفظة وأن النبي صلى اللّه عليه وسلم من نسل إبراهيم ومدح الإنسان في وجهه عند الأمن من نحو عجب وغير [ص 428] ذلك مما أفرد بالتأليف. - (ق عن أبي ذر) بتشديد الراء (إلا قوله ثم عرج بي حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام فإنه عن ابن عباس وأبي حبة البدري) الأنصاري وهو بحاء مهملة مفتوحة وباء موحدة وذكره القابسي بمثناة تحتية وغلط وقال الواقدي: بالنون واسمه مالك بن عمرو بن ثابت قال: وليس ممن شهد بدراً أحد يكنى بأبي حبة بالباء وإنما أبو حنة من غزية من بني النجار قتل باليمامة ولم يشهد بدراً والأول قاله عبد اللّه بن عمارة الأنصاري قال الزركشي: وهو أعلم الأنصار. 5846 - (فرخ الزنا) بخاء معجمة بضبط المصنف وفي بعض النسخ فرج بالجيم وهو تصحيف (لا يدخل الجنة) مطلقاً إن استحل أو مع السابقين الأوّلين إن لم يستحل وذلك لأنه يتعذر عليه اكتساب الفضائل الحسنة ويتيسر له رذائل الأخلاق. ذكره الطيبي وهذا وعيد شديد وتحذير عظيم على الإصرار عليه لئلا يكون قد باع أبكاراً عرباً أتراباً كأنهن الياقوت والمرجان بقذرات مسافحات أو متخذات أخدان وحوراً مقصورات في الخيام بعاهرات مسبيات بين الأنام. <تنبيه> قال ابن الجوزي: هذا الحديث ونحوه أحاديث مخالفة للأصول وأعظمها قوله تعالى - (عد) عن حمزة بن داود الثقفي عن محمد بن زنبور عن عبد العزيز بن أبي حازم عن سهيل عن أبي صالح السمان عن أبيه (عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي: موضوع اهـ. وسهيل بن صالح السمان قال يحيى: حديثه ليس بحجة وقال أبو حاتم: يكتب ولا يحتج به. 5847 - (فرغ اللّه عز وجل إلى كل عبد) أي انتهى تقديره في الأزل من تلك الأمور إلى تدبير الأمر بإبدائها أو إلى بمعنى اللام (من خمس) متعلق بفرغ (من أجله) أي عمره (ورزقه وأثره) بفتح المثلثة هي أثر مشيه في الأرض لقوله تعالى - (حم طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: أحد إسنادي أحمد رجاله ثقات اهـ. ومن ثم رمز المصنف لصحته. 5848 - (فرغ إلى ابن آدم من أربع) لا ينافيه قوله فيما قبل خمس لأن مفهوم العدد غير معتبر أو لأن واحدة من هذه الأربع في طيها الخامسة أو لأنه أعلم بالقليل ثم بالكثير (الخلق) بسكون اللام (والخلق) بضمها المار في الخبر أيضاً إن اللّه قسم الأخلاق كما قسم الأرزاق وأسلفنا الكلام فيه (والرزق والأجل) أي انتهى تقدير هذه الأربعة والفراغ منها تمثيل بفراغ العامل من عمله والكاتب من كتابته كما في خبر جفت الأقلام وطويت الصحف يريد ما ليس في اللوح المحفوظ من المقادير والكائنات (تتمة) قال في الحكم: ما ترك من الجهل شيئاً من أراد أن يحدث في الوقت غير ما أظهره اللّه فيه وقال ابن عربي: قد كملت النشأة واجتمعت أطراف الدائرة. - (طس عن ابن مسعود) قال الهيثمي: فيه عيسى بن المسيب البجلي وهو ضعيف عند الجمهور ووثقه الدارقطني في سننه وضعفه في غيرهما. 5849 - (فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس) أي الفارق بيننا أنا نعتم على القلانس وهو يكتفون بالعمائم ذكره الطيبي، فالمسلمون يلبسون القلنسوة وفوقها العمامة، فأما لبس القلنسوة وحدها فزي المشركين وأما لبسها على غير قلنسوة فهو غير لائق لأنها تنحل لاسيما عند الوضوء وبالقلنسوة تشد الرأس وتحسن هيئة العمامة ذكره ابن العربي قال: والعمامة سنة المرسلين وعادة الأنبياء والسادة وقد صح عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة فدلّ على أنها كانت عادة أمر باجتنابها حال الإحرام وشرع كشف الرأس إجلالاً لذي الجلال وسننها أن يكون على قدر الحاجة فلا يعظمها زهواً فإنما كانت عمائم السلف لفتين أو ثلاثاً انتهى. قال ابن تيمية: وهذا بين أن مفارقة المسلم المشرك في اللباس مطلوبة للشارع إذ الفرق بالاعتقاد والعمل بدون العمامة حاصل فلولا أنه مطلوب أيضاً لم يكن فيه فائدة. - (د ت) في اللباس من حديث أبي الحسن العسقلاني عن أبي جعفر بن محمد بن ركانة (عن) أبيه عن (ركانة) بضم الراء وتخفيف الكاف ابن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف المطلبي صحابي من مسلمة الفتح له حديث واحد وهو هذا قال أعني الترمذي: غريب وليس إسناده بالقائم ولا يعرف العسقلاني ولا ابن ركانة وفي الميزان محمد بن ركانة عن أبيه لم يصح حديثه انفرد به أبو الحسن شيخ لا يدري من هو متنه فرق بيننا إلى آخر ما هنا. 5850 - (فسطاط المسلمين) بضم الفاء وكسرها وبالطاء والتاء مكان الطاء المدينة التي يجمع فيها الناس وأبنية السفر دون السرادق وأبنية من نحو شعر والمراد هنا الأول (يوم الملحمة) هي الحرب ومحل القتال أو القتال نفسه (الكبرى بأرض يقال لها الغوطة) اسم للبساتين والمياه التي حول دمشق وهي غوطتها (فيها مدينة يقال لها دمشق خير منازل المسلمين يومئذ) أي يوم وقوع الملحمة وأصل الغوطة كل موضع كثير الماء والشجر. - (حم عن أبي الدرداء) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه فقد خرجه أبو داود باللفظ المذكور قال الديلمي: وفي الباب أبو هريرة ومعاذ. [ص 430] 5851 - (فصل) بصاد مهملة ساكنة بمعنى فاصل أو فارق أو مميز (ما بين) النكاح (الحلال والحرام ضرب الدف) بالضم وبفتح معروف (والصوت في النكاح) المراد إعلان النكاح واضطراب الأصوات فيه والذكر في الناس وبعض الناس يذهب به إلى السماع يعني السماع المتعارف بين الناس الآن وهو خطأ والمعنى أن الفرق بين النكاح الجائز وغيره الإعلان والإشهار والنهي عن الضرب بالدف بفرض صحته محله في غير ذلك وفي الحديث عموم يقتضي طلب ضرب الدف فيه حتى للرجال ولعله مراد كما قاله الحافظ ابن حجر فإن الأحاديث القوية فيها الإذن للنساء فلا يلحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن. - (حم ت ن ه ك) كلهم في النكاح (عن محمد بن حاطب) بن الحارث الجمحي له صحبة ورواية حسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي. 5852 - (فصل) بالصاد المهملة قال التوربشتي: ومن الناس من يقوله بالمعجمة وهو تصحيف (ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب) أي فرق ما بينهما (أكلة السحر) قال النووي: المشهور وضبط الجمهور أنه بفتح الهمزة مصدر للمرة من الأكل وضبطه المغاربة بالضم وقال عياض: روي يالفتح والضم فبالضم بمعنى اللقمة وبالفتح الأكل مرة واحدة قال: وهو الأشبه هنا لأن الثواب في الفعل لا في الطعام قال الحافظ العراقي: ولو قيل الأشبه هنا الضم لم يبعد لأن الفضل يحصل بلقمة ولا يتوقف على زيادة انتهى. والقصد بهذا الحديث الحث على السحور والإعلام بأن هذا من الدين وذلك لأن اللّه أباح لنا إلى الفجر ما حرم عليهم من نحو أكل وجماع بعد النوم فمخالفتنا إياهم تقع موقع الشكر لتلك النعمة التي خصصنا بها قال ابن تيمية: وفيه دليل على أن الفصل بين العبادتين أمر مقصود للشارع قال مالك: ولذلك كان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يكرهون ترك العمل يوم الجمعة لئلا يصنعوا فيه كما فعل اليهود والنصارى في السبت والأحد. - (حم م 4) كلهم في الصوم (عن عمرو بن العاص) ولم يخرجه البخاري. 5853 - (فصل ما بين لذة المرأة ولذة الرجل كأثر المخيط في الطين إلا أن اللّه يسترهن بالحياء) قال الزمخشري: اللذة في الأصل لذا فعلي فقلب أحد حرفي التضعيف حرف لين والمراد هنا لذة الجماع والمراد أن شهوة الرجل بالنسبة إلى شهوة المرأة شيء قليل جدّاً يكاد يكون لا أثر له في جنب عظم شهوة المرأة ولولا أن اللّه سترهن بالحياء لافتضحن وظهر ذلك عليهن والمراد جنس الرجال وجنس النساء لا كل فرد. - (طس عن ابن عمرو ابن العاص) قال الهيثمي: فيه أحمد بن علي بن شوذب لم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات قال ابن القيم: هذا لا يصح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وإسناده مظلم لا يحتج بمثله. 5854 - (فضل) بضاد معجمة (الجمعة) أي صلاتها (في رمضان كفضل رمضان على الشهور) أي كفضل صومه على سائر الشهور ويحتمل أن المراد أن يوم الجمعة الذي هو من أيام رمضان أفضل من غيره من كل يوم جمعة كما أن شهر رمضان أفضل من جميع شهور السنة. - (فر عن جابر) وفيه هارون بن زياد قال الذهبي: قال أبو حاتم: له حديث باطل وقال ابن حبان: كان ممن يضع وعمر بن موسى الرجيبي قال الذهبي: قال ابن عدي: يضع الحديث. [ص 431] 5855 - (فضل الدار القريبة من المسجد على الدار الشاسعة) أي البعيدة (كفضل الغازي على القاعد) أضاف الفضل للدار والمراد أهلها على حد - (حم عن حذيفة) بن اليمان ورواه عنه أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي ورمز المصنف لحسنه وفيه ابن لهيعة. 5856 - (فضل الشاب العابد الذي تعبد) بمثناة فوقية بخط المصنف (في) حال (صباه) ومظنة صبوته (على الشيخ الذي تعبد) بمثناة فوقية بضبطه (بعد ما كبرت سنة كفضل) الأنبياء (المرسلين على سائر الناس) لأنه لما قهر نفسه بكفها عن لذاتها وقاسى تجرع مرارة مخالفة الهوى استحق التفضل على الشيخ الذي فقدت فيه دواعي الشهوة وصار يملك أدبه لكن هذا من قبيل المبالغة والترغيب في لزوم العبادة للشاب. - (أبو محمد التكريتي في) كتاب (معرفة النفس فر كلاهما عن أنس) بن مالك وفيه عمر بن شبيب قال الذهبي: ضعفه الدارقطني وقال أبو زرعة: واه اهـ. 5857 - (فضل الصلاة بالسواك على الصلاة بغير سواك سبعين ضعفاً) وفي رواية سبعين صلاة قال أبو البقاء: كذا وقع في هذه الرواية سبعين والصواب سبعون والتقدير فضل سبعين لأنه خبر فضل الأول وقال الطيبي: سبعين مفعول مطلق أو ظرف أي تفضل مقدار سبعين ويجوز أن يكون الأصل بسبعين فحذفت الباء وبقي عملها ولفظ رواية الحاكم فضل الصلاة التي يستاك لها على التي لا يستاك لها سبعين ضعفاً. - (حم ك) في الطهارة (عن عائشة) قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي في التلخيص لكنه ضعفه لأن مداره على ابن إسحاق ومعاوية بن يحيى الصدفي ويحيى قال الدارقطني: ضعيف ورواه أبو نعيم وابن حبان في الضعفاء من طرق أخرى، قال ابن معين: حديث باطل لا يصح له إسناد قال ابن حجر: وأسانيده كلها معلولة. 5858 - (فضل العالم على العابد) أي فضل هذه الحقيقة على هذه الحقيقة أو هو من باب ركب القوم دوابهم (كفضلي على أمتي) قال الحجة: أراد العلماء باللّه قال علي كرم اللّه وجهه: لقد سبق إلى الجنة أقوام ما كانوا بأكثر الناس صلاة ولا صياماً ولا حجاً ولكنهم عقلوا عن اللّه مواعظه فوجلت منه قلوبهم واطمأنت إليه نفوسهم وقال شيخ الطريقين السهروردي: الإشارة بهذا الحديث إلى العلم باللّه لا إلى علم البيع والشراء والطلاق والعتاق وقد يكون العبد عالماً باللّه ذا يقين وليس عنده علم من فروض الكفايات وقد كانت الصحابة أعلم من التابعين بحقائق اليقين ودقائق المعرفة وقد كان علماء التابعين فيهم من هو أقوم بعلم الفتوى والأحكام من بعض الصحابة. تنبيه: قال ابن عربي: علم الكلام مع شرفه لا يحتاج إليه أكثر الناس بل رجل واحد يكفي منه في البلد بخلاف العلماء بفروع الدين فإن الناس يحتاجون إلى الكثرة من علماء الشريعة ولو مات الإنسان وهو لا يعلم اصطلاح القائلين بعلم النظر كالجوهر والعرض والجسم [ص 432] والجسماني والروح والروحاني لم يسأله اللّه عن ذلك فإنما يسأل الناس عما وجب عليهم من التكليف بالفروع ونحوها. - (الحارث) بن أبي أسامة (عن أبي سعيد) الخدري أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح فيه سلام طويل قال الدارقطني وغيره: متروك. 5859 - (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم) أي نسبة شرف العالم إلى شرف العابد كنسبة شرف الرسول إلى أدنى شرف الصحابة فإن المخاطبين بقوله أدناكم الصحب وقد شبهوا بالنجوم في حديث أصحابي كالنجوم وهذا التشبيه ينبه على أنه لا بد للعالم من العبادة وللعابد من العلم لأن تشبيههما بالمصطفى وبالعلم يستدعي المشاركة فيما فضلوا به من العلم والعمل، كيف لا والعلم مقدمة للعمل وصحة العمل متوقفة على العلم؟ ذكره الطيبي. وقال الذهبي: إنما كان العالم أفضل لأن العالم إذا لم يكن عابداً فعلمه وبال عليه وأما العابد بغير فقه فمع نقصه هو أفضل بكثير من فقيه بلا تعبد كفقيه همته في الشغل بالرئاسة اهـ. وقال ابن العربي: للفظ العلم إطلاقات متباينة ينشأ عنها اختلاف الحد والحكم أيضاً كلفظ العالم والعلماء وللالتباس الواقع في لفظ العلم غلط كثير من الناس في معنى خبر فضل العالم على العابد فحملوه على الفقيه بالمعنى المتعارف الآن وأن يكون ذلك والتقابل بين العالم والعابد في الحديث ينافي الاشتراك في صفة العلم التي بها التقابل كما هو الظاهر إذ لا عابد بدون علم الفقه في الجملة وأوضح من هذه الحجة الاتفاق على أن العبادة أفضل من العلم العملي المتعلق بها فيقتضي فضل العابد على العالم والحديث مصرح بخلافه ومن الواضح أن التفضيل ههنا إنما هو بحسب الوصف العنواني فافهم. على أن التوجيهات قليلة هنا كثيرة لكن بتعسف فلا يلتفت إليها عند المحصلين والتحقيق في ذلك ما قاله حجة الإسلام ونصه ثم العلم المقدم على العمل لا يخلو إما أن يكون هو العلم بكيفية العمل وهو علم الفقه وعلم كيفية العبادات وإما أن يكون علماً سواه وباطل أن يكون الأول هو المراد لوجهين أحدهما أن فضل العالم على العابد والعابد هو الذي له علم العبادات فإن كان جاهلاً فهو عابث فاسق والثاني أن العلم بالعمل لا يكون أشرف من العمل لأن العلم العملي يراد للعمل وما يراد لغيره يستحيل أن يكون أشرف منه إلى هنا كلامه ودعواه الاتفاق غير جيد لتصريحهم بأن التخلي لتعلم الفقه الذي منه العلم المتعلق بالعبادة أفضل من الاشتغال بالنفل الذي هو من العبادة فهو كما ترى ينادي برد هذا الاتفاق (إن اللّه عز وجل وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير) أي يستغفرون لهم طالبين لتخليهم عما لا ينبغي ولا يبق بهم من الأوضار والأدناس لأن بركة علمهم وعملهم وإرشادهم وفتواهم سبب لانتظام أحوال العالم وذكر النملة والحوت بعد ذكر الثقلين والملائكة تتميم لجميع أنواع الحيوان على طريقة الرحمن الرحيم وخص النملة والحوت بالذكر للدلالة على إنزال المطر وحصول الخير والخصب ببركتهم كما قال بهم تنصرون وبهم ترزقون حتى أن الحوت الذي لا يفتقر إلى العلماء افتقار غيره لكونه في جوف الماء يعيش أبداً ببركتهم ذكره القاضي وقال الطيبي: قوله إن اللّه وملائكته جملة مستأنفة لبيان التفاوت العظيم بين العالم والعابد وأن نفع العابد مقصور على نفسه ونفع العالم متجاوز إلى الخلائق حتى النملة وعطف أهل السماوات على الملائكة تخصيص بحملة العرش وسكان أمكنة خارجة عن السماوات والأرض من الملائكة المقربين كما ثبت في النصوص وفي يصلون تغليب للعقلاء على غيرهم واشتراك فإن الصلاة من اللّه رحمة ومن الملائكة استغفار ومن الغير دعاء وطلب وذكر النملة وتخصيصها مشعر بأن صلاتها بحصول البركة النازلة من السماء فإن دأب النملة القنية وادخارها القوت في جحرها ثم التدرج منها إلى الحيتان وإعادة كلمة الغاية للترقي والصلاة من اللّه بمعنى الرحمة ومن الملائكة بمعنى الاستغفار المعبر به في الرواية الأخرى ولا رتبة فوق رتبة من تشتغل الملائكة وجميع المخلوقات بالاستغفار والدعاء له إلى القيامة [ص 433] ولهذا كان ثوابه لا ينقطع بموته وأنه ليتنافس في دعوة رجل صالح فكيف بدعاء الملأ الأعلى وأما إلهام الحيوانات الاستغفار له فقيل لأنها خلقت لمصالح العباد ومنافعهم والعلماء هم المبينون ما يحل منها وما يحرم ويوصون بالإحسان إليها ودفع الضر عنها حتى بإحسان القتلة والنهي عن المثلة فاستغفارهم له شكر لذلك النعمة وذلك في حق البشر آكد لأن احتياجهم إلى العلم أشد وعود فوائده عليهم أتم. - (ت) في العلم (عن أبي أمامة) الباهلي قال: ذكر عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلان أحدهما عابد والآخر عالم فذكره قال الترمذي: غريب وفي نسخة حسن صحيح. قال الصدر المناوي: وفيه الوليد بن جميل لينه أبو زرعة. 5860 - (فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب) قال البيضاوي: العبادة كمال ونور لازم ذات العابد لا يتخطاه فشابه نور الكواكب والعلم كمال يوجب للعالم في نفسه شرفاً وفضلاً ويتعدى منه إلى غيره فيستفيض نوره وكماله ويكمل بواسطته لكنه كمال ليس للعالم في ذاته بل نوره يتلقاه من المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فلذلك شبه بالقمر ولا نظن أن العالم المفضل عار عن العمل ولا العابد عن العلم بل إن علم ذلك غالب على عمله وعمل هذا غالب على علمه ولذلك جعل العلماء ورثة الأنبياء والمراد بالفضل كثرة ثواب ما يعطيه اللّه للعبد في الآخرة من درجات الجنة ولذاتها ومأكلها ومشربها ونعيمها الجسماني أو ما يمنح من مقامات القرب ولذة النظر إليه وسماع كلامه ولذة المعارف الإلهية الحاصلة عند كشف الغطاء ونحو ذلك قال ابن الملقي: فيه أن نور العلم يزيد على نور العبادة كما مثله بالقمر بالنسبة لباقي الكواكب.
|